Menu

حرب "طوفان الأقصى" إعجاز غير مسبوق  للمقاومة  الفلسطينية في تاريخ الصراع العربي الصهيوني

عليان عليان

أمس الأول السابع من أكتوبر دخل الصراع العربي الصهيوني وجوهره الصراع الصهيوني ، مرحلة جديدة  وغير مسبوقة  منذ نكبة عام 1948، عندما شنت المقاومة الفلسطينية  البطلة حرباً حقيقية باقتدار ، براً وبحراً وجوا  بعنوان " طوفان الأقصى" باقتحامها السياج الفاصل  مع  العدو ،  بعد فتح ثغرات فيه، وعبر  الطيران الشراعي الفلسطيني ، ودور سلاح  البحري الفلسطيني في تنفيذ عمليات إنزال خلف خطوط العدو بمسافة تصل إلى 40 كيلو متراً ، كل ذلك وفق خطة عسكرية مرسومة بدقة  لتحرير أشرف عليها قائد أركان المقاومة " محمد الضيف" لتحرير  أكثر من (20) موقعاً فلسطينياً في مناطق 1948 أقيمت عليها (20) مستعمرة من عشرين موقعاً فلسطينيا  ًفي مناطق فلسطين  المحتلة  1948 ،  تعادل مساحتها ضعف مساحة قطاع غزة بعد أن مهدت لهذا الهجوم بإطلاق ما يزيد 5000 صاروخاً في عمق الكيان في تل أبيب و القدس وبئر السبع وغيرها .
هذه الهجوم  الإعجازي المباغت  أفقد الكيان الصهيوني صوابه، وعطل قدرة طيرانه  على الفعل لأكثر من ثماني ساعات ، كشف ( أولاً) عن قدرات أمنية وسيبرانية للمقاومة  ،مكنها من تشويش منظومة اتصالات العدو تمهيدا لعمليات الاقتحام المتسلسلة، بسيارات الدفع الرباعي وبالدراجات النارية  والطائرات الشراعية، وفي مقدمتها  جميعاً طائرات "الدرون" الفلسطينية ، التي تولت تدمير الرشاشات ذاتية الدفع  المنصوبة على أبراج معسكرات العدو  ، كمقدمة للسيطرة على مواقع العدو ومنظومة القيادة والسيطرة، ومن ضمنها  مركز قيادة فرقة غزة... وكشف (ثانياً)   عن هزالة منظومة العدو  الأمنية والاستخبارية، رغم أن طائرات الاستطلاع لم تغادر سماء القطاع لحظةً واحدة ، ورغم أن حاجز الأسلاك الشائكة مرتبط برادارات متصلة بالأقمار الصناعية الأمريكية، ما جعل الكيان الغاصب رغم امتلاكه كل الأسلحة المتطورة ، وتصنيفه كرابع أقوى جيش في العالم ، يفقد توازنه ويصل إلى مرحلة فقدان الردع بالكامل، بعد خسارته الثقيلة على صعيد  مئات القتلى  ( 659 قتيل )  و1200 جريح وعشرات الأسرى  حتى اللحظة ، من ضمنهم عشرات القيادات العسكرية الصهيونية ، حيث شاهدنا بالصوت والصورة جنود وضباط العدو ويستسلموا لرجال المقاومة بدون .مقاومة ، وشاهدنا صورة المقاوم الفلسطيني يأسر مستوطنين صهيونيين ، ويسوقهما على دراجته إلى القطاع ليضمهم إلى قائمة الأسرى.
وذهبت الصحفة الغربية إلى الحديث عن الانبهار بخطط المقاومة الفلسطينية  وقدرتها على الإخفاء ، وقدرتها على شن الحروب ، فعلى سبيل المثال لا الحصر ، قالت صحيفة " الواشنطن بوست" " أن عمليات طوفان الأقصى" أخطر فشل أمني إسرائيلي منذ حرب "يوم الغفران"، مضيفةً " إنً "الحجم والنطاق لوابل الصواريخ، التي أطلقتها المقاومة في اتجاه (إسرائيل) يوم السبت، لم يكن لهما  مثيل" ، كما عبرت دوائر البنتاغون والكونجرس والدوائر الاعلامية  الأمريكية عن صدمتها من فشل المنظومة الأمنية الإسرائيلية ، والانهيارات التي حصلت في صفوف جيش الاحتلال في جنوب الكيان الصهيوني.
نصر غير مسبوق في خطته ونتائجه ورسائل لكل من يهمه الأمر
 ولفت انتباه المراقبين أن حجم الخسائر الصهيونية ، في اليوم الأول من الحرب  على صعيد القتلى والجرحى والأسرى، بالمقياس الزمني  وخلال ساعات معدودة ، لم يحصل نهائياً في تاريخ الصراع منذ نكبة وحرب 1948 مروراً بحرب حزيران 1967وحرب تشيرين  1973 وحرب 1982 ( حصار بيروت) ،ولا في حرب المقاومة   اللبنانية ضد العدو منذ 1982 وحتى حرب تموز  2006 ، ما يشهد على عظمة الخطة الموضوعة المراعية لكل تفاصيل الحرب ، والجرأة  الهائلة للمقاومة الفلسطينية بكل فصائلها المستندة إلى عقيدة قتالية عنوانها : إما نصر أو الإستشهاد.
هذ النصر غير المسبوق ، والذي ننحني في ضوئه أمام قيادات المقاومة ورجالاتها من   كتائب عز الدين القسام ،التي تلعب دوراً قيادياً ً ومحوريا في الحرب ، ولمقاتلي كتائب الشهيد أبو علي مصطفى وسرايا القدس وكتائب المقاومة الوطنية ، ولجان المقاومة الشعبية، وكتائب الشهيد  جهاد جبريل ، وغيرها ، الذين انخرطوا  في الحرب منذ اللحظة الأولى   وقدموا الشهداء والجرحى، مؤكدين على الوحدة الحقيقة على أرض المعركة، لتحقيق  هذا  الهجوم  والنصر الإعجازي، الذي سيدرس في أدق تفاصيله في الكليات العسكرية في مختلف دول العالم ، خاصةً وأنه ينفذ من قطاع محاصر براً وبحراً وجواً ، ووفق تضاريس  لا تصلح  لشن حرب ضد عدو مدجج بكل أنواع الأسلحة المتطورة.
  لقد انطوى هجوم المقاومة الفلسطينية  الذي دخله يوم الثاني ، على رسائل عديدة وأكد على حقائق جديدة على نحو :
1-أن المقاومة في حربها الظافرة أكدت بالملموس أن تحرير فلسطين  التاريخية من النهر إلى البحر أمر ممكن على الصعيد المتوسط والاستراتيجي ، ما يخرس أولئك الذين يسخرون من تحقيق إمكانية التحرير كون الكيان الصهيوني صنيعة إمبريالية ومدعومة من قبل  الإمبريالية الأمريكية والغربية.
2- أن الكيان الصهيوني الذي نفخت دول عربية  رجعية عديدة ، في قوته وإمكاناته الأمنية والعسكرية والسيبرانية ، ودخلت  معاهدات  في تطبيع  وعقد معاهدات أمنية معه ، مراهنة عليه لتوفير الحماية لها ، ثبت بالملموس لها أنه كيان هش  وغير قادر  على حماية نفسه، وأوهى من بيت العنكبوت ونمر من ورق.
3- أن المقاومة بكل أشكالها وعلى رأسها الكفاح المسلح ،  هي الخيار  الوحيد لتحرير الوطن التاريخي للشعب الفلسطيني ولا خيار غيره ، وهي بهذا الانتصار التاريخي تهيل التراب على  اتفاقيات أوسلو المذلة  التي شكلت غطاء للتهويد والاستيطان.
4- المقاومة أكدت أنها في هذه المعارك الظافرة ، هي رأس الحربة في معركة تحرير فلسطين وعموم الأراضي العربية المحتلة ، وهي بهذه الانتصارات التاريخية ، تستند إلى العمق الشعبي العربي وإلى محور المقاومة الذي وفر لها كل أسباب الانتصار .
5- أن المقاومة وعدت الأسرى بتحريرهم ، وها هي بأسرها  المئات من الجنود والضباط  والمستوطنين  الصهاينة، تفي بوعدها ، فالعدو الصهيوني سيكون  مضطراً لتكرع كأس السم ،بالإفراج عن جميع الأسرى في معتقلات الاحتلال.
6- أن مقومات النصر المتحقق  يستند  جماهيرياً إلى الحاضنة الشعبية الفلسطينية والعربية للمقاومة ، يقابلها عدم توفر الحاضنة الشعبية لقوات الاحتلال ، بعد أن باتت مجاميع المستوطنين  متأكدة أن هذا الوطن ليس وطنهم  وأن  استمرار الصراع لن يكون في مصلحة بقاء هذا الكيان الغاصب ، ما يعني انهيار وانكشاف الرواية الصهيونية  أمام المهاجرين اليهود إلى فلسطين ، وسعيهم بعد هذه المعارك التاريخية لشد رحال العودة إلى البلدان التي أتوا منها في هجرة مضادة .
7- أن الوحدة الوطنية في الميدانية المستندة إلى الخطة المشتركة في غرفة العمليات المشتركة ، شكلت عاملاً حاسما في إنجاز هذه الملحمة التاريخية.
مطالب محددة
--إن جماهير الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات  ومعها جماهير  الأمة العربية ومحور المقاومة ، إذ  نتابع مجريات الحرب الظافرة تؤكد  وتطالب بما يلي :
1-أن القضية الفلسطينية  كانت ولا تزال  هي قضية الأمة المركزية ، وأن المقاومة الفلسطينية هي رأس الحربة في إدامة الصراع ، ما يستدعي من قوى التحرر والتقدم فيها أن تأخذ دورها في معركة التحرير.
2-  الضغط على الأنظمة العربية  المطبعة لإلغاء المعاهدات الموقعة مع العدو الصهيوني ( كامب ديفيد ، أوسلو ، وادي عربة  واتفاقات التطبيع  الإبراهيمي) ، من خلال الحراك الشعبي العربي النضالي ، ورفع وتيرة مقاومة التطبيع بأشكال  متطورة جديدة تستجيب للواقع الجديد.
3- تحويل المقاومة الفلسطينية المسلحة والحراك الشعبي الملتهب  في الضفة الغربية ،إلى انتفاضة جماهيرية مسلحة ، تتكامل مع المقاومة في قطاع غزة ، من أجل دحر الاحتلال وإسقاط اتفاقيات أوسلو ميدانياً.
4- أن تعلن كافة فصائل المقاومة أنها جزء لا يتجزأ من محو المقاومة ، وعلى الفصائل التي تضع قدماً في المقاومة ،وقدما في السلطة ومنافعها وامتيازاتها ، أن تحسم أمرها وتحدد موقفها إلى أي محور تنتمي.
وأخيراً لن نطلب شيئاً من حزب الله ومن أطراف محور المقاومة ، فهي تعرف دورها ، ومنخرطة في المعركة  في إطار  التخطيط لها وتزويد المقاومة بكل الأسلحة  ، وهي متفقة مع فصائل المقاومة الرئيسية في قطاع غزة في كيفية إدارة الحرب ، ولحظة الدخول فيها.
انتهى